كفالة يتيم في عشر ذي الحجة.. باب للبركة لا يُغلق
مقدمة عن كفالة يتيم في عشر ذي الحجة
تأتي علينا عشر ذي الحجة كل عام حاملة معها نفحات الإيمان، ومواسم الرحمة، وأبواب الخير التي تتزاحم فيها الطاعات وتُضاعف فيها الأجور، فهي من أعظم أيام السنة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها “أفضل أيام الدنيا”. في هذه الأيام المباركة، يتسابق المسلمون إلى التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، من صلاة، وصيام، وذكر، وصدقة، وحج، وأعمال البر والإحسان. ومن بين أعظم هذه الأعمال التي تُفتح بها أبواب السماء ويُستجلب بها رضا الله –كفالة اليتيم– وهي باب لا يُغلق للبركة والرحمة.
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة
قال تعالى: “وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ” [الفجر:1-2]، وقد فسر جمهور العلماء أن المقصود بالليالي العشر هي العشر الأوائل من شهر ذي الحجة. وهي أيام عظيمة، أقسم الله بها، ولا يُقسم إلا بعظيم. ويكفي أن الأعمال الصالحة فيها أحب إلى الله من غيرها، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام” قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء” [رواه البخاري].
فإذا كان العمل الصالح فيها بهذه المنزلة العظيمة وهذا الثواب الكبير، فما بالك بعمل يتعدى نفعه إلى الآخرين، ويجمع بين الصدقة، والرحمة، والإحسان، والعطف على أضعف فئة في المجتمع المسلم: الذين هم الأيتام؟! فحري بنا بذل كل جهد ومال في النفقة والإحسان إليهم.
كفالة اليتيم.. أثر في الدنيا والآخرة
اليتيم، الذي فقد أبوه الذي هو سندَه وداعمه في هذه الحياة الصعبة، يحتاج إلى من يعوضه الحنان والرعاية والدعم المادي والمعنوي. وكفالة اليتيم هي من أعظم القربات والطاعات التي حض عليها الإسلام، وبيّن فضلها في أحاديث كثيرة متنوعة، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم:
“أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا” وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما [رواه البخاري].
وفي هذا الحديث إشارة إلى عظمة هذا العمل وأنه طريق إلى الجنة ومرافقة النبي الكريم فيها.
كفالة يتيم سوري.. استجابة إنسانية وواجب شرعي
عندما نتحدث عن كفالة الأيتام اليوم، لا يمكن أن نغفل معاناة الملايين من الأطفال السوريين الذين فقدوا آباءهم وأمهاتهم نتيجة الحرب والدمار. يعيش هؤلاء الأطفال في ظروف قاسية، بعضهم في مخيمات النزوح، وآخرون في مساكن فقيرة بلا مقومات حياة كريمة، ويعانون من الفقر، والحرمان، وانعدام الأمان.
كفالتك لطفل يتيم في سوريا ليست فقط صدقة، بل هي حياة تُبنى، ومستقبل يُرسم، وإنقاذ لطفل من الجهل، والفقر، والتشرد. أنت لا تمنحه فقط طعامًا أو لباسًا، بل تمنحه الأمان، والتعليم، والرعاية، والفرصة ليكون فردًا صالحًا في مجتمعه.
يمكنكم دعم الأطفال الأيتام في سوريا من خلال التبرع لهم عبر جمعية غراس الخير الإنسانية عبر الرابط التالي
البركة التي لا تُغلق
كفالة اليتيم باب مفتوح للبركة في المال، والعمر، والأهل، والدنيا والآخرة. هي تجارة مع الله لا تعرف الخسارة. قال تعالى:
“مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً” [البقرة: 245].
وقد ثبت أن من أسباب زيادة الرزق وطول العمر والنجاة من البلاء: الإحسان إلى الضعفاء. وفي حديث صحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم” [رواه البخاري].
فكفالتك ليتيم لا تنقص مالك، بل تزيده، لأنها دعوة مستجابة من قلب بريء، ورحمة تنزل على بيتك، وسعة في رزقك، وطمأنينة في قلبك.
كيف تكفل يتيماً في عشر ذي الحجة؟
- أبحث عن نشاطات جمعية غراس الخير الإنسانية في رعاية الأيتام السوريين وتوفر معلومات شفافة عن الأطفال المحتاجين للكفالة.
- حدّد قيمة الكفالة الشهرية التي تستطيع الالتزام بها. في بعض الحالات، تبدأ الكفالة من مبلغ بسيط، ولكن أثرها عظيم.
- اجعل النية خالصة لله، واحتسب كل ريال تصرفه في سبيل الله، خاصة في هذه الأيام التي تُضاعف فيها الأجور.
- شجّع من حولك على المشاركة في هذا الخير ولا سيما في عشر ذي الحجة، فالدال على الخير كفاعله.
كفالة يتيم.. أجر دائم وصدقة جارية
كفالة اليتيم ليست صدقة عادية، بل هي صدقة عظيمة وفضل كبير وسبيل لدخول الجنة مع النبي الهاشمي، وذخرٌ لك في ميزان حسناتك. بل وقد تكون من أسباب رحمة الله بك في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.
وفي عشر ذي الحجة، حين تُشرع أبواب الجنة وتُغلق أبواب النار، لا تفوّت هذا الباب المفتوح للرحمة، ولا تتردد في مد يد العون لطفل يتيم ينام كل ليلة بلا أمان، وأنت تملك أن تغيّر له كل شيء.
اجعل لك في هذه الأيام عملاً يبقى أثره، ونورًا يضيء طريقك، وذكرى طيبة تخلدها دعوات يتيم لا يعرفك، لكن يعرف أن هناك من قلبه لا يزال ينبض بالرحمة.