بناء المساجد وترميمها: أجرٌ عظيم وأثرٌ باق
مقدمة
لطالما كانت المساجد منذ ظهور الإسلام منارات هدى ، ومراكز علم وعبادة وحكم. فبناء بيتٍ من بيوت الله، أو المساهمة في ترميمه، ليس مجرد عمل مادي، بل هو استثمار أخروي عظيم، حيث ينال صاحبه الاجر والثواب العظيم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة” [رواه البخاري ومسلم].
ففي هذا الحديث الشريف إشارة واضحة إلى عظمة الأجر الذي يناله من يبني أو يساهم في بناء المساجد، حتى لو كانت المشاركة رمزية بحجم صغير.
أهمية بناء المساجد
تُعدّ المساجد المراكز الرئيسة التي يجتمع فيها المسلمون لتأدية الصلاة والعبادة، وتلقي العلم، والتواصل الاجتماعي، وتقوية الروابط الأخوية.
هي قلب المجتمعات النابض، ومهد التربية على الفضيلة والقيم السامية.
في كثير من الأحيان، يكون المسجد هو المدرسة الأولى التي يتلقى فيها الطفل المسلم مبادئ دينه وأخلاقه. وهو مكان الإصلاح بين الناس، ومنطلق المشاريع الاجتماعية والخيرية. لذلك، كان بناء المساجد والحرص على إعمارها أمرًا محوريًا في حياة المسلمين.
ولا يقتصر بناء المسجد على تشييد الجدران والمآذن، بل يشمل كذلك توفير بيئة روحانية جاذبة، نظيفة ومهيأة للعبادة، وهذا يضاعف من أثره المبارك في المجتمع.
فضل ترميم المساجد
قال الله تعالى:
“إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ” [التوبة: 18].
كما أن بناء المسجد عمل عظيم، فإن ترميم المساجد وصيانتها يدخلان أيضًا ضمن الأعمال الجليلة التي يؤجر عليها المسلم.
فالحفاظ على المساجد من التهدم أو إعادة بناء المساجد المتضررة من الظروف القاهرة كحروب و زلازل وغيرها هو صورة من صور الإعمار المأمور بها شرعًا.
فالترميم لا يقل شأنًا عن البناء، بل قد يكون أكثر إلحاحًا حينما تتعرض المساجد للتهالك بسبب الزمن أو الكوارث الطبيعية أو الحروب.
وإعادة الحياة لمسجد قديم، يجدد دوره في جمع الناس على الخير، وينقذ تاريخًا وتراثًا إسلاميًا من الضياع.
الأثر الباقي لبناء المساجد
من أروع ما في بناء وترميم المساجد أن أثر هذا العمل لا يتوقف بمرور الزمن.
فكل صلاة تُقام في المسجد، وكل ذكرٍ يتلى فيه، وكل علم يُدرس بين جدرانه، يكون في ميزان حسنات من ساهم فيه، ولو بعد موته بمئات السنين.
وهذا يدخل ضمن الأعمال الجارية التي تبقى لصاحبها بعد وفاته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له” [رواه مسلم].
والمسجد من أسمى صور الصدقة الجارية، لأنه مصدر نفع متجدد لا ينضب.
بناء المساجد في عصرنا الحديث
مع تزايد أعداد المسلمين وانتشارهم في بقاع الأرض، برزت الحاجة الماسة لبناء المساجد في أماكن جديدة. سواء في بلاد الغرب أو المناطق التي تشهد حركات نزوح واسعة بسبب الأزمات والحروب.
وقد أدرك كثير من المسلمين أهمية هذا الجانب، فقاموا بتأسيس حملات ومؤسسات خيرية متخصصة في بناء وترميم المساجد.
كما أن بناء المساجد في المجتمعات غير المسلمة يلعب دورًا محوريًا في تصحيح صورة الإسلام، وتعزيز التواصل الثقافي، وفتح أبواب الحوار مع الآخرين.
ومن الجميل أن نرى حملات معاصرة تشجع على التبرع لبناء المساجد بشكل جماعي، بحيث يساهم كل فرد بما يستطيع، ويكون له نصيب في هذا الخير العظيم.
كيف نشارك في بناء وترميم المساجد؟
- التبرع المالي، سواء عبر مؤسسات موثوقة أو عبر حملات رسمية.
- التطوع بالجهد والوقت لصيانة المساجد المحلية.
- التوعية بأهمية إعمار المساجد بين الأهل والأصدقاء.
- تخصيص جزء من أموال الزكاة أو الصدقات لهذا الغرض، إن كان ذلك ضمن الفتاوى المعتمدة.
تدعوكم جمعية غراس الخير الإنسانية إالى التبرع لحملة ترميم المساجد في سوريا من خلال بيبال او البطاقة البنكية
الخاتمة
إن بناء المساجد وترميمها هو باب عظيم من أبواب الخير، وهو عمل يحمل في طياته نفعًا دنيويًا وأخرويًا، للفرد والمجتمع.
فمن أراد أن يبني له بيتًا في الجنة، ومن أراد أن يترك أثرًا خالدًا لا تزول ثماره، فليحرص على أن يكون له سهم في إعمار بيوت الله.
وما أجمل أن يُذكر الإنسان بعد وفاته كلما علت مآذن مسجد شارك في بنائه صوت الأذان، وكلما خشعت القلوب في رحابه!
نسأل الله أن يجعلنا من عُمّار بيوته في الدنيا والآخرة.