ما أثار ظروف الحرب و اللجوء على التعليم للاجئين السوريين في سوريا عامةً وإدلب خصوصاً؟
عاد طلاب مدرسة عائشة أم المؤمنين، إلى مقاعد دراستهم مع بدء الفصل الثاني من العام الدراسي 2023 – 2024م. وتستهدف هذه المدرسة التي انشأتها جمعية غراس الخير الإنسانية في قرية معرين باعزاز في ريف حلب الشمالي، المراحل الدراسية الابتدائية الأساسية للبنين والبنات، حيث يتلقى فيها الطلاب مختلف المناهج الدراسية . ويضاف إلى المدرسة، معهد عائشة أم المؤمنين الذي يتولى عملية تحفيظ القرآن الكريم لطلابها وطالباتها.

مدرسة عائشة في شمال سوريا – زهرة وسط الخراب!

وتعمل جمعية غراس الخير الإنسانية على تطوير كوادرها في مدرسة عائشة أم المؤمنين عبر ورشات تضعهم في المضمار التعليمي الصحيح والعصري ما من شأنه أن ينعكس على التحصيل العلمي للأطفال.

فأقامت الجمعية ورشة طرائق التدريس الحديثة، لرفع سوية العملية التعليمية في شمال سوريا عبر مناقشة أساليب التعلم النشط والأهداف السلوكية وطريقة صياغتها لرفع سوية المعلمين في أداء مهامهم بشكل أفضل.

تعد مدرسة عائشة أم المؤمنين بصيص نور في ظلمة الواقع التعليمي التي يقبع فيها الشمال السوري، لا سيما أن 85% من الأطفال (318 ألف طفل) انخرطوا في العمالة التي لا تناسب أعمارهم ولا اجسادهم، ويعملون في مهن مختلفة يتخلل بعضها المخاطر،بحسب منظمة “منسقو استجابة سوريا”.

وأوضحت المنظمة أن طفلين من كل 5 أطفال يتسربون من المدارس، ويزيد التراجع الاقتصادي وانسحاب مكاتب الأمم المتحدة احتمالية تسرب المزيد من الأطفال في الأعوام الثلاثة المقبلة.

 

 

عمالة الأطفال في سوريا.. جرح نازف!

يُعدّ تسرب الأطفال من المدارس أحد أهم العوامل المُسببة لعمالة الأطفال، ففي ظلّ الضغوطات الاقتصادية التي تُعاني منها الأسر اللاجئة، يضطرّ بعض الأطفال إلى العمل للمساهمة في دخل العائلة.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، فإن 2.4 مليون طفل على الأقل غير قادرين على ارتياد المدارس في سوريا.

وبهدف تأمين حياة كريمة ودعم سبل عيش العائلات، يتخطى ملايين الأطفال المرحلة المدرسية إلى مرحلة الأعمال الشاقة، فينخرط الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، في أعمال لا تلائم أجسادهم (أعمال الآليات الثقيلة، وصيانة السيارات، والميكانيك، والتعمير) سعياً منهم للبقاء على قيد الحياة في ظل الواقع الإنساني المتردي الذي يعصف بالمنقطة.

 

ويمكن أن يكون لعمالة الأطفال آثار عميقة ودائمة على مستقبلهم، مما يؤثر على جوانب مختلفة من حياتهم، فعلى صعيد التعليم، غالباً ما تحرم العمالة الأطفال من فرصة الالتحاق بالمدارس بانتظام أو على الإطلاق. وقد يؤدي عدم الحصول على التعليم إلى الحد من قدرتهم على اكتساب المعارف والمهارات الأساسية، مما يعيق نموهم الفكري وآفاقهم المستقبلية.

ويؤثر الأمر أيضاً على الصحة البدنية، إذ يتعرض العديد من الأطفال المنخرطين في أعمال تتطلب عمالة كثيفة لظروف خطيرة يمكن أن تضع صحتهم وسلامتهم البدنية بخطر. وقد يعانون من إصابات أو أمراض أو مشاكل صحية طويلة الأمد نتيجة لعملهم، مما قد يكون له عواقب دائمة على سلامتهم.

الأثر الجسيم!!

أكبر الآثار الخطيرة لعمالة الأطفال هو أثرها على تكوينهم العقلي، لا سيما وأن أهم مرحلة عمرية في حياة الإنسان هي مرحلة الطفولة.

فالتكوين العقلي في مرحلة الطفولة يمثل عملية معقدة ومتطورة تشمل النمو الفكري والعاطفي والاجتماعي واللغوي للطفل. في هذه المرحلة الحيوية، يتطور العقل الطفولي بشكل كبير من خلال التفاعل مع البيئة المحيطة والتجارب اليومية، وهذا معناه أن بيئة الطفل العامل ستؤثر عليه وتحدد مستقبله.

ديمومة الفقر.. وزاوية اجتماعية مظلمة

تعمل عمالة الأطفال على إدامة دورة الفقر من خلال إيقاع الأطفال وأسرهم في دائرة من الاستغلال والوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدني.

فبدون الحصول على التعليم وفرص التقدم، من المرجح أن يظل الأطفال عالقين في وظائف منخفضة الأجر ولا تتطلب مهارات، مما يؤدي إلى إدامة الفقر بين الأجيال.

كما أن العمالة تحرمهم من المهارات والمؤهلات العلمية اللازمة للحصول على فرص عمل أعلى أجراً وأكثر أمناً كغيرهم، مما يجعلهم في فخ دائرة الفقر والاستغلال.

ويساهم الأمر أيضاً في عزل الأطفال عن أقرانهم ومجتمعاتهم، حيث أنهم غالباً ما يقضون ساعات طويلة في العمل بدلاً من الانخراط في الأنشطة الاجتماعية وبناء الصداقات، ما منشأنهم أن يكونوا أسرى للعزلة الاجتماعية.